البيئة مسؤولية الجميع

البيئة مسؤولية الجميع


مقال بقلم : مدحت الشيخ

الأربعاء - 15 يناير سنة 2025 | 12:32 صباحاً


تلوث البيئة والتغيرات المناخية وما نتج عنها من تأثيرات، ممثلة في العديد من الظواهر كارتفاع درجة حرارة الكوكب وتغير أنماط الطقس المعتادة، بالإضافة إلى الخلل الواضح في الطبيعة، يعد خطرًا داهمًا على البشر وسائر المخلوقات الحية.

حرائق الغابات وذوبان الجليد في القطبين، نتيجة الاحتباس الحراري، يهددان بغرق العديد من المدن بسبب ارتفاع منسوب البحار. علاوة على ذلك، الفيضانات المتكررة والانهيارات الأرضية التي ضربت العديد من بلدان العالم، وأسفرت عن خسائر ضخمة في الأرواح والممتلكات، تعد أجراس إنذار متكررة للحد من التغيرات المناخية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خطر بات يهدد البشرية بأكملها على حد سواء.

ويعد السلوك البشري السبب الرئيسي للتغيرات المناخية، نتيجة الأنشطة الصناعية الملوثة للبيئة، بالإضافة إلى الاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري كالفحم والبترول والغاز وغيرهما

والذي يعمل بطبيعته على إطلاق كميات ضخمة من المركبات السامة مثل أول وثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين، التي تعتبر غازات ثقيلة.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الصناعية الأولى في زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون بنسبة 93%.
ولم يكن الوقود الأحفوري السبب الوحيد، بل كان للتوسع العمراني وقطع الأشجار وتلوث البحار والأنهار أسباب رئيسية فيما آلت إليه الأمور.

من هنا يأتي دور التنمية المستدامة وأهميتها في إدارة الموارد الطبيعية بشكل سليم، للعمل على استخدامها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.**
من جانب، عن طريق تطوير وسائل الإنتاج وأساليبه المتبعة وإدارتها بطريقة سليمة، بحيث لا تؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية، مع الحفاظ على البيئة وتلبية احتياجات الأجيال الحالية، وحفظ حقوق الأجيال القادمة من جانب آخر.
فمن المعروف ارتباط التنمية ارتباطًا وثيقًا بالموارد الطبيعية المتاحة، فلا يمكن صنع تنمية دون توافر العناصر والموارد الطبيعية، في الوقت الذي تتناقص فيه الموارد الطبيعية نتيجة لأسباب عديدة.
منها تضاعف الاستهلاك للموارد الطبيعية بسبب زيادة أعداد السكان، مقابل مواد غير متجددة كالماء ومصادر الطاقة والمواد الأولية، في ظل اعتقاد خاطئ بأنها موارد لا تنضب أبدًا، وعلى سبيل المثال ندرة المياه.

لقد أصبحت ندرة المياه واقعًا لا يمكن إنكاره، وباتت شبحًا يهدد العديد من الدول بشكل عام، والدول العربية بشكل خاص وتعد المنطقة العربية الأكثر ندرة للمياه في مناطق العالم، حيث تعاني 19 دولة عربية من بين 22 دولة من مشكلة شح المياه. بينما تحصل 21 دولة عربية من بين 22 دولة على مواردها الأساسية من المياه من مياه عابرة للحدود، وهذا وفقًا لتصريح السفيرة شهيرة وهبي، رئيسة قسم استدامة الموارد الطبيعية والحد من مخاطر الكوارث بجامعة الدول العربية.
من هنا، يجب علينا تغيير السلوك الاستهلاكي للمياه، مع العمل على إعادة تدوير مياه الصرف، وحصاد مياه الأمطار، والاستخدام الآمن للمياه الجوفية. بالتبعية، ندرة الماء لها تأثير كبير على إنتاج الغذاء.

ندرة المياه والأمن الغذائي

تعد ندرة المياه أبرز مشكلات الأمن الغذائي، وتنقسم ندرة المياه إلى قسمين: 1. **الندرة المادية:** تتمثل في تجاوز الطلب على المياه المتوفرة الكميات المتاحة.
2. **الندرة الاقتصادية:** تتمثل في فقدان البنية التحتية للاستفادة من المياه رغم توفرها في العالم العربي.

نموذج واضح للندرة المادية للمياه، حيث تتزايد أعداد السكان مع ثبات مصادر المياه العذبة، مما يؤثر بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي وتوفير الغذاء.
وتعد مصر من أكثر الدول التي تعاني من نقص المياه، حيث تعتمد اعتمادًا رئيسيًا على نهر النيل في المقام الأول.
من هنا، بدأت مصر منذ العديد من السنوات في اتباع استراتيجيات جديدة، منها تغيير نظم الري من الري بالغمر إلى الري بالتنقيط، الذي يقلل الفاقد بشكل كبير، والعمل على استزراع محاصيل غير مستهلكة للمياه، بالإضافة إلى تبطين الترع للحد من إهدار المياه.

ويعد التلوث البيئي، الذي أدى إلى التغيرات المناخية، سببًا من أسباب ندرة المياه، وبالتبعية التأثير على توافر الغذاء، حيث أثر بشكل واضح على مواسم هطول الأمطار.
وتعاني العديد من بلدان العالم من ذلك، خاصة الدول التي تعتمد على الزراعة اعتمادًا على الأمطار. حيث أدى عدم انتظام هطول الأمطار إلى تلف المحاصيل، وبالتالي إلى ندرة الغذاء.

جهود الدولة المصرية للحد من التغيرات المناخية

كانت مصر من أولى الدول التي اتخذت العديد من الخطوات الجادة للحفاظ على البيئة والحد من أثر التلوث.
شجعت مصر العديد من المشروعات التي تعمل على تحسين الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري، واتجهت إلى استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والمائية.
بالإضافة إلى السعي لحماية الشواطئ، وإنشاء العديد من معاهد البحوث المتخصصة.
علاوة على ذلك، دعمت القطاع الخاص وشجعته على الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت مصر بدعم المراكز المختصة لإجراء بحوث بشكل دوري على تأثير التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي، واستنباط أنواع جديدة قادرة على تحمل الحرارة.

---

دور الإعلام

**من المؤكد أن الإعلام يلعب دورًا حيويًا في القضايا الكبرى، ومنها بالطبع قضية التلوث البيئي والتغيرات المناخية، التي احتلت مؤخرًا مساحة واسعة في الإعلام الدولي والإقليمي.**
يقوم الإعلام بنشر الوعي، وإلقاء الضوء على المخاطر الناتجة عن التلوث البيئي والتغيرات المناخية، وتشجيع الحكومات على اتخاذ إجراءات حازمة للحد من العبث بالبيئة.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل الإعلام على تغيير الصورة الذهنية المغلوطة لدى البعض، والاعتقاد بأن الموارد الطبيعية لا تنتهي.
علاوة على إنشاء أقسام مختصة في الصحف والمواقع الإلكترونية للإعلام البيئي، فالحفاظ على البيئة مسؤولية جماعية يتحملها كل منا.