لماذا غاب أبو مازن عن قمة الرياض؟

لماذا غاب أبو مازن عن قمة الرياض؟


مقال بقلم : محمد العزبي

الجمعة - 21 فبراير سنة 2025 | 7:42 مساءً


كتب محمد العزبي

غياب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عن قمة الرياض يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء ذلك، خاصة في ظل الأوضاع المتوترة في غزة بعد الحرب الأخيرة. المعلومات المتداولة تشير إلى أن المعضلة الرئيسية تكمن في رفضه لأي مخطط يضع إعادة إعمار غزة خارج سلطته، حيث يرى في ذلك تهميشًا ممنهجًا للسلطة الفلسطينية ومحاولة لإضعاف دورها السياسي والاقتصادي.


خلفية الموقف: قلق من فقدان النفوذ


تشعر السلطة الفلسطينية منذ سنوات بتآكل دورها، سواء بسبب سياسات إسرائيل أو بسبب تراجع الدعم العربي والدولي لها. ويبدو أن عباس يعتقد أن هناك اتفاقًا ضمنيًا بين القوى الإقليمية والدولية على تهميش السلطة وحرمانها من أي دور فعلي في إعادة إعمار غزة إلا إذا التزمت بإصلاحات جذرية، وهو أمر ظلت السلطة تتجنبه لعقود.


شروط المانحين وتحدي الفساد

المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يشترط أن تكون أي أموال مخصصة لإعادة إعمار غزة تحت إشراف هيئة دولية محايدة، بعيدًا عن النفوذ المباشر للسلطة الفلسطينية أو الأمم المتحدة. هذا الشرط يعكس فقدان الثقة بالسلطة الفلسطينية، بسبب الاتهامات المستمرة بضعف الحوكمة والفساد داخلها. ويبدو أن هذه الشروط تتعارض تمامًا مع رؤية عباس، الذي يعتبر أن السيطرة على أموال الإعمار تعني استمرار تأثيره السياسي والاقتصادي على غزة، ما يفسر رفضه لهذه الآلية.


نحو إدارة دولية لغزة؟


هناك توجه واضح من معظم الدول المانحة لإيجاد صيغة جديدة لحكم غزة بعد الحرب، ربما عبر قوة دولية أو آلية دولية لإدارة الإعمار، وهو ما يمثل تحديًا مباشرًا للسلطة الفلسطينية. هذا الطرح قد يكون أحد أسباب غياب عباس عن القمة، حيث يفضل مقاطعتها بدلاً من القبول بمقترحات تعني فقدان سلطته الفعلية على القطاع، وربما على مستقبل القضية الفلسطينية برمتها.


الخلاصة: بين المصالح والواقع الجديد

غياب عباس عن قمة الرياض ليس مجرد موقف دبلوماسي، بل هو تعبير عن صراع أعمق حول من يتحكم في مستقبل غزة. السلطة الفلسطينية تدرك أن أي ترتيب جديد يُقصيها من الإعمار يعني فقدانها ما تبقى لها من نفوذ. في المقابل، المجتمع الدولي يبدو عازمًا على فرض إصلاحات قسرية قبل منح أي صلاحيات للسلطة، وهو ما يضع عباس أمام خيارين: إما القبول بالإصلاحات أو البقاء خارج المعادلة السياسية والاقتصادية لما بعد الحرب.