دعنى أرى دينك فى أخلاقك

دعنى أرى دينك فى أخلاقك


مقال بقلم : أسامة حسان

الأحد - 11 فبراير سنة 2024 | 11:59 مساءً

كثير من الناس تراه اليوم ملتزم بشعائر الدين والمظهر الديني، أما عن سوء أخلاقة فحدث ولا حرج، تراه ملتزم وعلامات الالتزام تظهر عليه ولكن عندماً تعرض أخلاقة على مدى التزامه ترى العجب العجاب، ترى إيمان بلا أخلاق، أخى الغالى لا تحدثني كثيرا عن الدين ولكن دعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك مع الآخرين فالدين المعاملة.
 
واقع مرير نعيشه اليوم بين المعنى الحقيقى للدين وهو الرحمة والتسامح وبين تطبيق ذلك فى أفعالنا وأقوالنا وأخلاقنا فى وقت صرنا لانلتزم من الدين إلا باسمه فقط وانحدرت الأخلاقيات فمنا من يحاول ويتمسك بالأخلاق ومنا من لا يبالي ولا يهتم بالمبادئ والأخلاق ويضرب بها عرض الحائط.
 
فالأخلاق الحسنة والجميلة تفضل صاحبها على غيره فى كل المواقف فلا يملكها إلا من كان يحمل في داخله قلبا صافيا ونقيا لغالبية الناس، فالأخلاق الحسنة هى الإرث الثمين والأثر الباقى، ففى الدنيا يتذكرك الناس بكل خير على مر السنين، وبعد الممات يترحمون عليك عندما يأتى ذكرك وسيرتك الحسنة.
 
وحتى تدرك أهمية الأخلاق للفرد والأسرة والمجتمع، فقد أثنى الله سبحانه وتعالى على نبيه فى قرآنه بقوله “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم”، وقال الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
 
وقال صل الله عليه وسلم “إن من أحبكم إلىَّ أحسنكم أخلاقاً” ألا تريد أن تكون حبيب النبى صل الله عليه وسلم، وصدق الشاعر حين قال: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا، وليس بعامر بنيان قوم، إذ أخلاقهم كانت خراباً.
 
ونرى في عالمنا اليوم أناساً كثيرين غير ملتزمين بالدين لكن عندهم أخلاق تفوق أحياناً بعض الملتزمين ليس معنى هذا أن نهمل الدين ولكن نتمسك بالدين ونحسن أخلاقنا فى التعامل مع الناس، فالإنسان مهما وصل من تدين وعبادة إن لم يقترن هذا بحسن الخلق فلا قيمة له، فالعبادات يجب أن تغيير سلوك الإنسان إلى الأفضل.
 
فعندما يكون هناك شخص مقصر لا يؤدى بعض العبادات لكنه في تعامله مع الناس حسن الخلق، وشخص عابد يصلي الليل والنهار ويصوم ويتعبد لكنه سيء الخلق مع الناس أيهما أفضل؟
 
الإجابة قد لا تروق لبعض الناس، المقصر حسن الخلق أفضل من عابد سىء الخلق، أكاد أسمع اعتراضات كثيرة، تمهل قليلاً، دعك من الانفعال، فكر بالعقل، الأول تقصيره على نفسه، لم يضر ولم يسيء إلا إلى نفسه، أما الثاني فما من شك أنه يعطي انطباعاً سلبياً عن الدين وأهله بالكلية وفى هذه الحالة نقول ما أضر الدين غير أهله لأنهم أعطوا انطباعا سيئاً عن الدين.
 
وقد جعل الشرع على حسن الخلق أجراً وفضلا، وعلى التقصير فى العبادات والإساءة إلى الناس إثما ووزراً، فحسن خلقة عائد على الناس وهو الظاهر، وتقصيره وإساءته عائده إليه يحاسبه الله عليها.
 
الله غفور رحيم فقد يغفر ما بينك وبينه، إن قصَّرت في عبادته وطاعته، ولكن الناس صعب أن تسامح ولكى يسامحك الله على حقوق الآخرين يتطلب ذلك أن يغفر لك الناس ويعفوا عنك حتى يغفر لك الله
 
قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها؟ قال: هيَ في النَّارِ.
قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وإنها تتصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذى جيرانها بلسانها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ.
 
فالأخلاق الحسنة أهم من كثرة العبادات، لأن العبادات في النهاية هى بين الإنسان وربه، أما المعاملات مثل “البيع والشراء والزواج والطلاق” وما يشابهها من معاملات فهى بين الشخص والآخرين، فكم من شخصٍ ملتزم دينياً تصدر عنه تصرفاتٌ لا تتفق مع حسن الخلق، فلا تحكم على الشكل وإن كان الشكل يعطي إشارة.
 
فلا تنظروا إلى عبادات أحد، ولكن انظروا إلى صدق حديثه إذا حدّث، وأمانته إذا ائتمن، وأخلاقه عند تعامله مع الناس.

لا توجد أخبار لعرضها.