الأصمعى والرجل الكريم

الأصمعى والرجل الكريم

الأربعاء - 10 إبريل سنة 2024 | 5:41 مساءً | أسامة حسان | | 565 مشاهدات | 0 من جوجل نيوز

   الأصمعي الشاعر العربي العباسي الشهير الذي له صدى كبير وواسع في العالم ، والذي غير مفهوم الشعر العباسي وتطور فيه كثيراً من خلال الأساليب الحديثة في انفتاح الدولة العباسية على مختلف الحضارات والثقافات المجاورة ، وهو واحد من ضمن أهم الشعراء الذين أثروا في الشعر بشكل عام وأحد الرواد الذين حفروا أسمائهم بمهارة في تاريخ وذاكرة الأدب مثل البحتري وابن الفارض وبشار بن برد.

 

   وهو من أبرز وأهم الشعراب العرب فى العصر العباسي وهو يكون عبد الملك بن قريب بن الملك بن علي بن أصمع الباهلي ، ولد الأصمعي في عام 740 ميلادياً و 121 هجرية في البصرة ، وكان يقيم في العراق وهو مسلم ويعتبر أحد أئمة العلم في اللغة والشعر.

 

   تعلم على يد أبو عمرو البصري وأيضاً شعبة بن الحاج ، نشأ معه كبار الفقهاء العرب في ذلك الوقت منهم (الإمام أبي حنيفة – الإمام مالك بن أنس – الإمام الشافعي – والإمام أحمد بن حنبل) ، وخرج من تحت يده تلامذة نابغة في الأدب ومنهم أبو الفضل الرياشي وأبو حاتم السجستاتي وأيضاً الجاحظ.

 

روى الأصمعي: قال قصدت في بعض الأيام رجلاً كنت أزوره لكرمه فوجدت على بابه بواباً فمنعني من الدخول إليه. 

 

   ثم قال: والله يا أصمعي ما أوقفني على بابه لأمنع منك الدخول إليه إلا رقة حاله، وقصور يده فكتبت رقعة أقول فيها:

 

إذا كان الكريم له حجاب

فما فضل الكريم على اللئيم

 

ثم قلت له: 

أوصل رقعتي هذه إليه ففعل. 

 

فعادت الرقعة وقد وقع على ظهرها:

إذا كان الكريم قليل مال

تستر بالحجاب عن الغريم

وأرسل مع الرقعة صرة فيها خمسمائة دينار.

 

فقلت والله لأتحفن أمير المؤمنين بهذا الخبر، " فما مر بي مثله " فجئت إليه، فلما رآني قال لي: من أين يا أصمعي؟ 

 

قلت: من عند رجل أكرم الأحياء حاشا أمير المؤمنين. 

 

قال: ومن هو؟ 

 

قلت: رجل أسرنى علمه وماله. ثم دفعت إليه الرقعة والصرة "

 وأوعدت عليه الخبر فلما رآى الصرة اربد وجهه " 

 

فقال: هذا ختم بيت مالي، ولا بد لي من الرجل الذي أدفعها إليك. 

 

فقلت: والله يا أمير المؤمنين إني لأستحي أن أروعه برسلك.

 

فقال لبعض خواسه: امض مع الأصمعي فإذا أراك الرجل فقل له: أجب أمير المؤمنين من غير إزعاج ولا إظهار شدة. 

 

قال: فلما حضر الرجل بين يدي أمير المؤمنين قال: أما أنت بالأمس الذي وقفت بموكبنا وشكوت إلينا رقة حالك وأن الزمان قد أناخ عليك بكلكله؟ فدفعنا إليك هذه الصرة لتصلح بها حالك، فقصدك الأصمعي ببيت شعر واحد فدفعتها إليه. 

 

فقال: والله ما كذبت فيما شكوته لأمير المؤمنين من رقة الحال، وصعوبة الزمان، لكني استحييت من الله أن أعيد قاصدي إلا كما أعادني أمير المؤمنين. 

 

فقال أمير المؤمنين: لله أنت فما ولدت العرب أكرم منك، ثم أمر له بألف دينار. 

 

قال الأصمعي: فقلت ألحقني يا أمير المؤمنين فتبسم، وأمر أن تكمل لي ألف دينار وأعاد الرجل من جملة ندمائه.

 

الناس للناس مادام الوفاء بهم          والعسر واليسر أوقات وساعات

 

وأكرم الناس مابين الورى رجل         تُقضي على يده للناس حاجات

 

لا تقطعن يد المعروف عن أحد        ما دمت تقدر والأيام تارات

 

واذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت     إليك لا لك عند الناس حاجات

 

قد مات قوم وما ماتت فضائلهم    وعاش قوم وهم في الناس أموات