تأملات في آية من سورة النمل
(حتى إذا أتو على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل إدخلوا
مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) النمل ١٨
هل
تعلم أن هذه الآية سجلت للنملة أربعة عشر (14)
وجها من أوجه البلاغة
فهذه
النملة
١ - أحست.
٢ - ثم إهتدت إلى مصالح قومها.
٣ - ثم بادرت.
٤
- ثم حذرت.
٥ - ثم نادت.
٦
- ثم نبهت.
٧ -ثم أمرت.
٨
- ثم نهت.
٩ - ثم أكدت.
١٠ -ثم نصحت
١١ - ثم بالغت.
١٢
- ثم بينت
١٣ - ثم أنذرت
١٤
-ثم أعذرت
١٥ - ثم نفت
فكيف إستطاعت هذه النملة أن تعبر عن هذه الأوجه
البلاغية وتصيغها فى أسلوب بلاغى يعجز أن يأتى بمثله من حصل على أعلى الدرجات
العلمية فى علم البلاغة.
أولاً:
-قالت (يا أيها النمل)
فاستخدمت (الياء) التى
تستخدم فى النداء على البعيد حتى يسمع النمل جميعاً النداء القريب منه والبعيد.
ثانياً : - قالت (يا أيها النمل)
ولم تقل ( يا نمل) فزادت
فى أسلوب النداء بقولها ( أيها ) وذلك للتنبيه حتى إذا كانت هناك نملة مشغولة أو
غير منتبهة فيكون عندها الوقت و الفرصة لتسمع النداء.
ثالثاً : - قالت ( إدخلوا)
فخاطبتهم مخاطبة العقلاء
ولو قالت ( إدخلن) أو ( إدخلى ) لكان الخطاب لغير العاقل وفى هذا دليل على أن
النمل يسمع ويعى ويعقل.
رابعاً : -قالت ( إدخلوا مساكنكم
)
ولم تقل ( إدخلوا
المساكن ) وهذا يدل على أن كل نملة لها مسكن خاص بها تعرفه ولا تخطئه وتأوى إليه
ولا تدخل سواه.
خامساً : -قالت ( إدخلوا مساكنكم
)
ولم
تقل ( إدخلوا بيوتكم) لأن النمل فى الخارج يكون فى حالة حركة دائمة والحركة عكسها
السكون والسكون يتطلب مسكنا حتى إذا دخله النمل يهدأ فيه ويسكن.
سادساً : -قالت ( إدخلوا مساكنكم
)
ولم تقل ( إدخلوا جحوركم)
وهذا دليل على أن النمل له مساكن مقسمة من الداخل فيها ما هو مخصص للنوم وما هو
خاص بتخزين الطعام.
سابعاً : -قالت ( لايحطمنكم)
فجاءت ( بنون التوكيد)
لتؤكد لهم أن الأمر جد خطير وعليهم بالإسراع فى تنفيذ الأمر والفرار قبل مجيء
سليمان وجنوده وإلا هلكوا جميعاً.
ثامناً : - قالت (لا يحطمنكم سليمان)
فوجهت الخطاب لسليمان
ولم توجهه لجنوده وفى هذا إحترام وتقدير لنبى الله سليمان وإثبات أن زمام الأمور
كلها بيده وأنه هو الآمر الناهى لجنوده.
تاسعاً : -قالت (لا يحطمنكم سليمان)
قالت ( سليمان) ولم تقل
( نبى الله سليمان ) ولم تقل ( الملك سليمان)، فذكرته بإسمه العلم دون ذكر الألقاب
وهذا يدل على أن سليمان كان مشهوراً والجميع يعرفه حتى وإن لم تذكر أوصافه ويدل
ذلك أيضاً أن النملة تقدر مصالح قومها فهى ترى أن سرعة تنبيههم ليدخلوا مساكنهم
لينجوا بأنفسهم من الهلاك أولى فى هذه الحالة من ذكر الألقاب والأوصاف
عاشراً - قالت ( لا يحطمنكم سليمان وجنوده)
فلو قالت ( لا يحطمنكم
الجنود ) بدون ذكر سليمان لكان ذلك إشارة منها أن سليمان لا يعلم بما يفعله جنوده
وأنه لا يستطيع السيطرة عليهم وفى هذا تقليل من شأن سليمان عليه السلام.
حادى عشر : - ( لا يحطمنكم سليمان وجنوده)
فلو قالت أيضًا ( لا
يحطمنكم الجنود ) لكان فى هذا دليل على أنها تقصد العسكر أى الفصيل البشرى فقط من
جنود سليمان وهذا معناه أنها تجاهلت باقى الفصائل الأخرى من الجن والشياطين والريح
والطير.
(وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون) النمل ١٧
(والشياطين كل بناء وغواص) ص ٣٧
( ولسليمان الربح غدوها شهر ورواحها شهر
) سبأ ١٢
ثانى عشر - قالت ( وهم لا يشعرون)
وبهذا تكون قد رفعت عن
سليمان وجنوده صفة الظلم والجبروت والإفساد فى الأرض وهذا أعجب نبى الله سليمان (
فتبسم ضاحكاً من قولها )
ثالث عشر -قالت ( وهم لا يشعرون)
ولم تقل ( وهم لا يعلمون
) فقد نفت الشعور ولم تنفى العلم لأن سليمان وجنوده يعلمون أن هذا الوادى يسكن به نمل لكنهم إذا ما حطموهم فهذا
بسبب أنهم لم يرونهم لصغر حجمهم وبسبب الجلبة والأصوات التى تصاحب موكب سليمان
وجنوده فلن يشعروا بهم
رابع عشر - قالت لا ( يحطمنكم
)
ولم تقل لا ( يدهمكم أو
يقتلكم أو يميتكم ) لأن التحطيم معناه الكسر والكسر لا يكون إلا للأجسام الزجاجية
التى تحتوى على مادة السيليكون وقد أثبت العلم الحديث أن جسم النمل يحتوى على مادة
السيليكون الموجودة فى الزجاج.
فمن
الذى أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة العلمية ؟
*﴿
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل
لَّهُ عِوَجًاۜ ﴾* الكهف