مجبر كُـنت لا بطل، ولم أرغب أبدًا في الأخذ بنصيحة أمامنا الشافعي ، حينما قال : تغرَّبْ عن الأوطان في طلب العٌلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد .
سافرت لتحسين الدخل ليس إلا .. ولما طال السفر خُضت تجربة الدراسة عن بٌعد فكانت دراستى للإعلام الذى عشقته
ثم الموسيقي التى هي غذاء روحي ولم يفارقنى احساي بالغربة ولو لحظة رغم محبة أهل البلد الذين شملوني بنبل أخلاقهم وكرمهم ولكن هذا الشعور القاتل لم يفارقني .
في النهار كانت تتحقق أمنياتي ، أما الليل فكان سجن كبير طويلة ساعاته، وكثيرا ما تمنيت أن يكون اليوم كله نهار، ليس فيه ليل.
فكلما غيمت السماء ونامت أعين الناس ، سهرت عيناي واستيقظت الذكريات ، وفي كل فاصل اعنى اجازتى كان إحساسي بالغربة يزداد ويستفحل ، شيئا فشيئا
حتى غابت ملامح اقاربي ومعارفي وزادت مشقتي في تذكر الأسماء أما الألم النفسي بحق فكانت ظنون اصحاب القلوب المريضة الذين كانوا يعتبرون ذلك تكبر منى واستعلاء .
وحينما هبطت سفينتى بشكل دائم إلي أرض الوطن ، كانت المعاناة الحقيقية .. جيل أخر غير جيلي، مُجبر على التعامل معه إما في العمل الحكومي الذي تغير كليًا عما كنت امارسه في الخارج بشكله الالكتروني
كليا وما وجب علي ممارسته بروتينه الورقي الممل، ناهيك عن اختلاف الافكار والتعاملات ، لكنه أصبح أمر واقع وأصبحت أجيب على كل من يسألنى من أنت بقولي ” غريب الغُـربة والوطن ”