
الاسره المصرية بين مطرقة القرارات و سندان الاسعار المفترسه
تحقيق : عبد الفتاح يوسف
“بدر الدين” : زيادة الأعباء على كاهل المواطن الغلبان أدت لإلتهام راتبه .. المرأة إكتفت بالضروريات وإستغنت عن الكماليات ..
يجب عمل سياسات اقتصادية علمية مدروسة من أهل الخبرة والأكثر كفاءة للخروج من المأزق ..
استمرار تدهور المعيشة سيؤدي إلى إنتشار السرقة والإتجار بالمخدرات ..
“عمار” : حاجة المواطن مُلحة للضروريات فإذا أصبح المواطن غير قادر على الحصول على إحتياجاته سيؤدي إلى حالة من الغُبن الشديد والاحتقان حيال الإدارة السياسية ..
تتسبب في اضطراب اجتماعي واسع يرتفع فيه رقعة الجريمة ومدمني المخدرات أو الهجرات غير الشرعية أو اللامبالاة ..
“هدى زكريا” : الظروف الاقتصادية تحدث توتر بالإنفاق ولا تؤثر على تربية الأبناء إلا على المدى الطويل ..
المجتمع المصري نساؤه ورجاله معتادين على معالجة الحياة اليومية الصعبة في هدوء .
السيدة قادرة على أدوار متعددة متصارعة في المنزل والعمل منذ زمن طويل ..
“الشافعي” : الغلاء الفاحش أجبر المرأة على الخروج للعمل لمواجهة أعباء الحياة ..
ويجب على الحكومة إيجاد حلول وبدائل جوهرية من خارج الصندوق لحل المشكلات الاقتصادية ..
واستمرار الأزمة الاقتصادية ستحدث تفكك بين أفراد الأسرة والمجتمع ..
حالة من الحنق والضياع تعيشها الأسرة المصرية بسبب الغلاء المتوحش الذي جعل الطبقة المتوسطة تتآكل في المجتمع المصري بشدة ,فالمصري حالياً كل دخله لا يكفي إلى جانب ما يتقاضاه من أجر متدني لا يكفي سد الاحتياجات الضرورية للمعيشة، خاصة في ظل رفع الدعم الذي يتزايد المطالبة به و تسبب في الارتفاع المتزايد في أسعار جميع السلع وفواتير المرافق والخدمات الأساسية والتي يئن منها المواطن بصفة مستمرة ، وكأنها أمطار تسقط فوق رؤوس المواطنين لتلتهم رواتبهم أولاً بأول، يأتي ذلك مع تجاهل الحكومة التام للإبعاد الاجتماعية لسد حاجة الطبقات الفقيرة والمتوسطة من احتياجاتهم الأساسية، مما أثر على المجتمع بالسلب من طول الانتظار لطوق النجاة الذي ينقذهم من الموت جوعاً، ورغم قدرة السيدات المصريات على تدبير شئون أسرهن إلا أن العديد منهن خرجوا للعمل للمساعدة الرجال في أعباء المعيشة التي لا تنتهي، كما أن الرجال إنشغلوا في عملهم طول اليوم فلا يعودوا إلى منزلهم إلا للنوم ولم يفوا بإلتزامات أسرتهم، وإنصرفوا عن تربية أبنائهم وبناتهم لتوفير قوت يومهم الضروري، الأمر الذي يتطلب سياسات اقتصادية علمية عاجلة تكون مدروسة على أيدي أهل الخبرة والأكثر كفاءة ومن متخصصين تعتمد على توزيع الموارد واستخدامها أفضل استخدام.
الأبعاد الاجتماعية
يؤكد د. إكرام بدر الدين ـ رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة وأمين اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للصحافة ـ أن هناك ضغوط على الطبقات الفقيرة و الوسطى نتيجة لزيادة معدلات التضخم والتغيرات الاقتصادية، خاصة بعد تعويم الجنية المصري، التي أدت إلى الإحساس بإرتفاع الأسعار بمعدل غير طبيعي وزيادة الأعباء على كاهل المواطن العادي، مما أدت إلى التهام دخول المواطنين الغلابة، فإستغنت المرأة عن الكماليات واكتفت بالضروريات التي لا يمكن تأجيلها من الغذاء والدواء والعلاج والملبس ومصاريف التعليم، مشيراً إلى أن الغلاء يؤدي إلى تدهور وضع الطبقة الفقيرة و الوسطى، فيجب على الحكومة عدم إهمال الأبعاد الاجتماعية بتوفير مراكز لتوزيع السلع بأسعار مخفضة وأن توفر الضروريات للمواطنين، كما يجب محاربة الغلاء وجشع التجار.
كفاية المعيشة
ويكمل بدر الدين، منوهاً على أن اهتمام المواطن في المقام الأول يتمثل في كفاية احتياجاته المعيشية الضرورية وكل ماعدا ذلك يأتي في المرحلة التالية لاهتمامه بما فيه تربية أبنائه، مما يؤثر عليهم بالسلب على المدى الطويل، فلم تكن الأسرة المسئول الوحيد عن تربية أبنائها، ولكن يجب أن يكون هناك دور لمؤسسات الدولة في العملية التعليمية وأدوات التنشئة ودور العبادة والإعلام بالتوعية والأحزاب السياسية وغيرها، وذلك بتضافر الجهود من جميع المؤسسات للاهتمام بالتربية الاجتماعية، لأننا لاحظنا ظهور قيم منحرفة وعنف وعدم احترام الكبير داخل الأسرة لمتكن متواجدة بل من تراكم زمني، لذا فيجب عمل سياسات اقتصادية علمية مدروسة على أيدي الأكثر كفاءة والخبرة ومن متخصصين، تعتمد على توزيع الموارد واستخدامها أفضل استخدام، أما في حالة استمرار تدهور الأحوال المعيشية والاقتصادية سيكون له أثار سياسة سلبية ويؤثر على شرعية الحكومة والنظام، فلا نستبعد استغلال الأوضاع في أعمال عنف أو تظاهرات، كما تؤدى إلى انتشار السرقة والاتجار بالمخدرات في حالة إنفجارات اجتماعية وسياسية.
الانعكاسات
يشير د. عمار علي حسن ـ الباحث في علم الاجتماع السياسي ـ إلى أن حاجة المواطن مُلحة للدواء والغذاء والكساء والإيواء، فإذا أصبح ليس بمقدور الناس الحصول على احتياجاتهم الأساسية، فقطعاً سيؤدي إلى حالة من الغُبن الشديد والاحتقان حيال الإدارة السياسية، وفي حالة استمرار تزايد الأوضاع الاقتصادية صعوبة على المصريين، فقطعاً وقتها ستصبح شعبية شرعية السلطة على المحك، ويمكن أن تصل الناس إلى تفجير ثورات أو احتجاجات بشكل مستمر نتيجة لزيادة الأوضاع الصعبة على فئات عديدة من المجتمع، فالتحمل له حدود فلابد من سياسات عاجلة لتخفيف الآثار الضارة على الطبقات الفقيرة لأن استمرار هذه الآثار من الممكن أن يؤدي إلى اضطراب اجتماعي واسع يرتفع فيه رقعة الجريمة ومدمني المخدرات أو الهجرات غير الشرعية أو حالة من اللامبالاة تصيب قطاع عريض من المجتمع، مضيفاً إذا لم تتوفر السلع بكميات كافية للناس قطعاً يزيد الفجوة أو يوسع الْهَوَّة بينهم وبين السلطة التي تحكم بمرور الوقت.
تقسيم الأدوار
بينما ترى د. هدى عبد المنعم زكريا ـ أستاذة علم الاجتماع السياسي والعسكري بكلية الآداب جامعة الزقازيق وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ـ أنه في السابق كانت فكرة تقسيم الأدوار للرجال الأعمال المأجورة وللنساء الخدمة، فكانت نساء قطاع كبير من المجتمع في الطبقة الفقيرة والوسطى تعمل من قديم الزمان ولم تسلط عليها الأضواء بخلاف نساء طبقة الصفوة فكان عملهن محدود، أما الآن فيخرج الرجل للعمل لفترتين في اليوم لمواجهة أعباء المعيشة، لافتة إلى أن التوجيه والتربية للأبناء يجب أن يكون من الأب والأم، فلم يحدث تغيير في الأسرة بالنسبة لتربية أبنائها في ظل الظروف الاقتصادية، ولكن أصبحت الأسرة متوترة بالإنفاق، لأن قياس هذه المسألة تكون على المدى الطويل، علماً بأن المجتمع المصري نساؤه ورجاله معتادين على معالجة الحياة اليومية الصعبة في هدوء والسيدة قادرة على القيام بأدوار متعددة متصارعة في المنزل والمهنة منذ زمن طويل، ولكي يكون الإنسان رجلاً عليه أن يكون لديه مهنة وفي المقابل يكون لدى المرأة مهنة وبقية الأدوار التقليدية القديمة فتقوم بضعفين ونصف من واجبات الرجل مما أدى إلى مرض اجتماعي على مستوى العالم وسمي بصراع الأدوار.
حلول جوهرية
يضيف د. خالد الشافعي ـ الخبير الاقتصادي ـ أن المرأة المصرية خرجت للعمل لمساعدة زوجها لتوفير معيشة كريمة في ظل الغلاء المتزايد ومعدلات التضخم الغير مسبوقة والتي يئن منها المواطن المصري يومياً، فعلى الحكومة أن تجد حلول وبدائل جوهرية من خارج الصندوق لحل المشكلات الاقتصادية التي تصيب المواطن في إحتياجاته من السلع الأساسية الضرورية، مشيراً إلى أن هذه المشكلات تؤثر سلباً على أبنائنا في العملية التعليمية والتربوية والصحية والأخلاقية، وأيضاً تغير سيكولوجية المواطن وأسرته بتدمير الحياة الاجتماعية، مما يخلق جيل سلبي من مدمني المخدرات والإنترنت، كما تساعد على عملية التفكك الأسري وزيادة حالات الطلاق ومعدلات العنوسة بسبب استمرار الخلافات الزوجية على مصروف البيت في ظل الغلاء، وينصرفوا عن تربية أبنائهم للسعي على توفير احتياجات المعيشة الضرورية، حيث أن المشكلة الاقتصادية أصبحت مزمنة فلم تتحقق العدالة الاجتماعية المنشودة التي كان يتمناها المجتمع، مضيفاً أن معالجة المشكلة والآثار السلبية المصاحبة لعملية الإصلاح الاقتصادي كلها تحاول خلق مناخ غير جيد لتنمية حقيقية للمجتمع، وفي حالة استمرار الأزمة الاقتصادية ستحدث تفكك بين أفراد الأسرة والمجتمع.